قصيدة ابكت النبي عليه وعلى اله الصلاة والسلام
قال العلامة المجلسي في " بحار الأنوار " 11 ص 150: وجدت في بعض تأليفات أصحابنا أنه روى بإسناده عن سهل بن ذبيان قال: دخلت على الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام في بعض الأيام قبل أن يدخل عليه أحد من الناس فقال لي: مرحبا بك يا بن ذبيان؟ الساعة أراد رسولنا أن يأتيك لتحضر عندنا. فقلت: لماذا؟ يا بن رسول الله؟ فقال: لمنام رأيته البارحة وقد أزعجني وأرقني. فقلت: خيرا يكون إنشاء الله تعالى. فقال: يا بن ذبيان؟ رأيت كأني قد نصب لي سلم فيه مائة مرقاة فصعدت إلى أعلاه. فقلت: يا مولاي؟ أهنيك بطول العمر وربما تعيش مائة سنة. فقال عليه السلام ما شاء الله كان. ثم قال: يا بن ذبيان؟ فلما صعدت إلى أعلا السلم رأيت كأني دخلت في قبة خضراء يرى ظاهرها من باطنها ورأيت جدي رسول الله جالسا وإلى يمينه وشماله غلامان حسنان يشرق النور من وجههما، ورأيت امرأة بهية الخلقة، ورأيت بين يديه شخصا بهي الخلقة جالسا عنده، ورأيت رجلا واقفا بين يديه وهو يقرأ:
لأم عمرو باللوى مربع * . . . . .
فلما رآني النبي قال لي: مرحبا بك يا ولدي يا علي بن موسى الرضا؟ سلم علي أبيك علي. فسلمت عليه، ثم قال لي: سلم على أمك فاطمة الزهراء عليها السلام.
فسلمت عليها، فقال لي: فسلم على أبويك الحسن والحسين. فسلمت عليهما، ثم قال لي: وسلم على شاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيد إسماعيل الحميري. فسلمت عليه و جلست فالتفت النبي السيد إسماعيل وقال له. عد إلى ما كنا فيه من إنشاد القصيدة فأنشد يقول:
لأم عمرو باللوى مربع * . . . . .
فبكى النبي صلى الله عليه وآله فلما بلغ إلى قوله:
ووجهه كالشمس إذ تطلع
بكى النبي وفاطمة ومن معه، ولما بلغ إلى قوله:
قالوا له: لو شئت أعلمتنا * إلى من الغاية والمفزع
رفع النبي صلى الله عليه وآله يديه وقال: إلهي أنت الشاهد علي وعليهم إني أعلمتهم: أن الغاية والمفزع علي بن أبي طالب. وأشار بيده إليه وهو جالس بين يديه، قال علي بن موسى الرضا: فلما فرغ السيد إسماعيل الحميري من إنشاد القصيدة إلتفت النبي إلي وقال لي: يا علي بن موسى؟ إحفظ هذه القصيدة ومر شيعتنا بحفظها وأعلمهم: إن من حفظها وأدمن قرائتها ضمنت له الجنة على الله تعالى
لأم عمــرو باللوى مربـــع === طـــامســــة أعلامه بلقع
تروح عـنه الطير وحشـية === والأسـد من خيفته تفزع
برسم دار ما بها مؤنـــس === إلا ظلال في الثـرى وقع
رقش يخـات الموت من نفثها === والسم في أنيابها منقع
لما وقفن العيس من رسمها === والعين من عرفانه تدمع
ذكرت من قد كنت ألهو به === فبت والقلب شــجٍ موجع
كأن بالنـــــــار لما شفني === من حــب أروى كبد تلذع
عجبت من قوم أتواأحمــداً === بخطبــة ليس لها موضع
قالـــوا له لو شئت أعلمتنا === إلى من الغاية والمفــزع
إذا تــوفيت وفـــــــارقتنا === وفيهم في الملك من يطمـع
فقال لو أعلمتكم مفزعاً === كنتم عسيتم فيه أن تصنعــوا
صنيع أهل العجل إذ فارقوا === هارون فالترك له أودع
وفي الذي قال بيــان لمـــن === كان إذا يعقـــل أو يسمع
ثــم أتتـه بعـد ذا عـزمـة === مـن ربـه ليـس لها مـدفــع
أبلغ وإلا لم تـــكن مبلغـــاً === والله مـــنهم عاصم يمنــع
فعنـــدها قــام النبــي الذي === كــان بما يأمــره يصدع
يخطب مأموراً وفي كــفـه === كف علي ظاهـر يلمـــع
رافعها أكرم بــكف الــذي === يرفع والكف الذي ترفــع
يقول والأملاك من حوله === والله فيهـــم شــاهد يسمع
من كنت مولاه فهذا له === مولاً فلم يرضوا ولم يقنعــوا
فاتهموه وجنت منـهم === على خلاف الصادق الأضـلـع
وظــل قــوم غــاضهم فعلـه === كـأنمـا آنـافهــم تجـــدع
حتى إذا وارووه في قبره === وانصرفوا عن دفنه ضيعوا
ماقال بالأمس وأوصى به === واشــتـروا الضر بما ينفع
وقطعوا أرحامه بعــــــده === فسوف يجزون بما قطعــوا
وأزمعوا غدراً بمولاهــم === تبــاً لما كــان به أزمعـــوا
لاهم عليه يردوا حوضه === غــداً ولاهو فـيهم يشفـــع
ينصب فيهم علم للهدى === والحوض من ماء له مترع
يفيـض من رحمته كوثـر === أبيض كـالفضـة أوأنـصع
حصاه ياقـوت ومرجانــة === ولــؤلؤ لـم تجنــه إصبــع
بطحاءه مسـك وحافاتـــه=== يهتز منها مونــق مربــــع
أخضر ما دون الورى ناضر=== وفاقع أصفر أو أنصع
فيه أباريق وقدحــانــــه === يذب فيها الـرجـل الأصلع
يذب عنها ابن أبي طــالب === ذبـاً كجربا إبـل شـــرع
والعطر والريحان أنواعه=== ذاكٍ وقـد هبت به زعزع
ريح من الجنــة مأمــورة === ذاهـبة ليس لهــا مـرجــع
إذا دنوا منه لكي يشربوا === قال لهم تباً لكم فارجــعوا
دونكم فالتمسوا منهــــلاً === يرويكم أو مطمع يشـــــبع
فالفوز للشارب من حوضه=== والويل والذل لمن يمنع
والناس يوم الحشر راياتهم === خمس فمنها هالك أربع
فراية العجل وفرعونهــا === وسامـري الأمة المشنـــع
ورايـــة يقدمهــــا أذلــــم === عبد لـــئيم لبكع أكــــوع
ورايـــــة يقدمها حبتــر === للـــزور والبهتان قدأبدعوا
وراية يقدمها نعثــــــــل === لا برد الله له مضجـــــــع
أربعة في سقر أودعـــوا === ليس لــهم من قعرها مطلع
وراية يقدمها حيـــــــدر === ووجهـــه كالشمس إذ تطلع
غداً يلاقي المصطفى حيدر === وراية الحمـد له ترفـــع
مولاً له الجنـــة مأمــورة === والنـار من إجلالـه تفـــزع